نقف
وقفة وجيزة نبين فيها معنى
:الجمـــــــــــــــــــال
عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله
عليه وسلم
قال :"
لا يدخل
الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر
. قال رجل إن الرجل يحب أن
يكون
ثوبه حسنا ونعله حسنة . قال : إن
الله
جميل يحب الجمال . الكبر بطر
الحق
وغمط الناس
." أخرجه
الإمام مسلم في صحيحه،
المفردات :
الكبر : الترفع
والتعزز
.نعله : حداؤه .بطر :نكران وجحود .غمط : احتقار .
المعنى
العام
:
الكبر من الأدواء
الخطيرة التي تفتك
بالفرد والجماعة ولخطورته حذر
النبي صلى الله عليه وسلم
من قليل الكبر وبين ما
تلحق صاحبه من عقوبة
، والكبر داء يصيب القلوب
فيذهب بنورها ولا يجتمع
إيمان وكبر في قلب
رجل .
وهذا المرض يصيب أصحاب
النفوس الضعيفة والقلوب الميتة بقسوتها
، وسبب هذا الداء هو الإحساس بالهوان
والشعور بالضعف .
مثقال ذرة
:
تنمو وتزداد كنمو
النبات
وعامل النمو هو الإنسان
ذاته
حيث يروض نفسه على التكبر وكلما تكبر ران على
قلبه ذلك حتى يطفو
الكبر
قلبه فربما تكبر عن أمر أو نهي فلحقته لعنة الله
قال الله تعالى :"
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ
اسْجُدُواْ
لآدَمَ فَسَجَدُواْ
إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ
وَكَانَ مِنَ
الْكَافِرِينَ
"البقرة34، فطرد
من رحمة الله تعالى
بسبب تكبره ، وعن سلمة
بن
الأكوع رضي الله عنه قال: أكل رجل عند النبي صلى
الله عليه وسلم بشماله,
فقال
له: ((كُل بيمينك))، قال: لا أستطيع، قال: ((لا استطعت)) ما منعه إلا الكبر، قال: فما رفعها
إلى فيه. رواه مسلم.
الكبر
والجمال :
الكبر من
أدران النفوس
وأوساخ القلوب ، شين
يذهب ببهاء الرجال ، ربما صاحبه من
أبهى الرجال منظرا
وأحسنهم مظهرا ،وأطيبهم
ريحا ومعطرا ، ولكن فيه
من ريح الخصال ما هو أنتن
من الجيف وهذا ما لا
يظهر للناس ويعلمه رب
الناس
.
والجمال :
هو جمال النفوس الذي
يضفي على
صاحبه بهاء وحسنا وضياء حتى ولو كان أشعث أغبر أسود البشرة مطرودا من على
الأبواب
.
وصدق من قال : والـذي
نفسـه بغيـر جـمـال --- لا يرى في الوجود
شيئاً جميـلاً .
وقال آخر : إذا المرء
لم يدنس من اللؤم عرضه ---- فأي
رداء يرتديه جميل .
جمال
المظهر : ( الثوب
والنعل الحسن .)،
دعوة إلى التجمل بزينة الله تعالى التي أخرجها لعباده
قال جل وعلا :"يَا
بَنِي آدَمَ
خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ
مَسْجِدٍ وكُلُواْ
وَاشْرَبُواْ
وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ
يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)
قُلْ مَنْ
حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ
الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ
وَالْطَّيِّبَاتِ
مِنَ الرِّزْقِ قُلْ
هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي
الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا خَالِصَةً
يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ
الآيَاتِ
لِقَوْمٍ
يَعْلَمُونَ (32) " سورة الأعراف .
جمال المظهر والمخبر هو
قمة الحسن
والجمال والكمال التي خلق الله فيها آدم عليه السلام قال جل وعلا :"
يَا
بَنِي
آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي
سَوْءَاتِكُمْ
وَرِيشاً
وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ
آيَاتِ اللّهِ
لَعَلَّهُمْ
يَذَّكَّرُونَ "الأعراف26 ، والريش أو الرياش تعبير عن وسائل الزينة
وأدواتها
، ولباس المخبر التقوى ، وبهما تتم للعبد النعمة .
القدوة
:
النبي صلى الله عليه وسلم كان من أحسن الناس
مظهرا ومخبرا وكان يضيء
كالقمر في ليلة أضحيان ،عن أشعث بن أبي الشعثاء قال : سمعت شيخاً من بني
كنانة
، قال : "رأيت
رسول الله صلى الله عليه
وسلم كأحسن الرجال وجهاً "رواه ابن شبة في أخبار
المدينة ورجاله ثقاة .
"كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم نير الوجه ،
يتلألأ تلألؤ القمر ، وكان صلى اللهعليه وسلم أحسن الناس وجهاً
وأنورهم
لوناً لم يصفه واصف قط إلا شبه وجهه بالقمرليلة البدر ، ولقد كان يقول من
كان
يقول منهم : لربما نظرنا إلى القمر ليلة البدر فنقولهو
أحسن في
أعيننا
من القمر ، يعرف رضاه وغضبه في سروره بوجهه ، كان إذا رضي
أو سُرّ
فكأن
وجهه المرآة تلاحك وجهك ، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه "رواه أبو نعيم
في دلائل
النبوة
.
جمال المخبر يتجلى على
المظهر
.
ولقد
كان النبي صلى
الله عليه وسلم نظيف الثياب جميل المنظر سر من رآه
لبهائه
وحسن هيئته ،
ولقد حبب إليه الطيب فكان أطيب الناس ريحا وكان يستاك
في
جميع أحواله ، ويحب
أن يرى أثر النعم على أتباعه .
رأى النبي رجلا
رأسه
أشعث فقال
: “أما وجد هذا ما يسكن
به شعره” و رأى آخر عليه ثياب وسخة فقال “أما كان
هذا يجد ما يغسل به
ثوبه” صحيح - المحدث:
الألباني .
مقارنة
: بين
جمال المظهر وجمال المخبر ؟
يمكن الاستغناء عن جمال
المظهر وهذا
الاستغناء لا يضر بحال من الأحوال في
جمال الباطن ، لكن أبدا
لا يمكن
الاستغناء عن جمال المخبر ويكون الاستغناء
عنه سببا في ذهاب لباس
المظهر
الذي خلق الله فيه آدم وحواء في أحسن الصور
، فكم من كاسية في الدنيا
عارية يوم القيامة ، وهل
نزعت لباس الحشمة
والوقار الذي هو جمال
وزينة
المرأة إلا بسبب ذهاب لباس التقوى ، قال الله
تعالى :"
يَا
بَنِي
آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ
الشَّيْطَانُ
كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم
مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ
عَنْهُمَا
لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا
سَوْءَاتِهِمَا ." الأعراف27، وما بدت السوءات إلا
بسبب السيئات .
لو
أن المرء
لم يلبس ثيابا من التقى ..... تجرد عريانا ولو كان كاسيا
.
الخلاصة
: الإسلام يدعو إلى الجمال
بنوعيه جمال
الباطن
والمتمثل في التقوى وما ينجم عنها من مكارم للأخلاق
وحسن
للمعاملة ، وكذلك
جمال الظاهر والمتمثل في نظافة البدن والثوب
والمحيط
وما ينجم عنها
من كريم العيش ورغده .
والناس في ظل هذه
التعاليم
يعيشون عيشة راضية يسودها النقاء والصفاء والجمال الذي خلق الله به كل
شيء
في أحسن تقويم .
ولله الحمد والمنة على
نعمة الإسلام والإيمان وكفى
بهما نعمة .